الأحد، 15 يناير 2017

- بيع ملك الغير بين النص القانوني و الممارسة العملية /ذ . سليمان أدخول عدل بدائرة نفوذ محكمة الاستئناف

- بيع ملك الغير بين النص القانوني و الممارسة العملية : (*)
===================================

(*) ذ . سليمان أدخول
عدل بدائرة نفوذ محكمة الاستئناف بتطوان
دبلوم الماستر في القانون الخاص .


  عمل المشرع المغربي على تقنين امكانية التصرف في ملك الغير عن طريق البيع ، حيث نص في الفصل 485 من قانون الالتزامات و العقود على أن : " بيع ملك الغير يقع صحيحا .
1- إذا أقره المالك .

2- إذا كسب البائع فيما بعد ملكية الشيئ .

..........................
.. "
يتضح إذن من محتويات هذا النص القانوني بأن بيع الملك الذي تعود ملكيته للغير يقع صحيحا إذا اقره المالك أو اذا كسب البائع فيما بعد ملكية الشيئ المبيع .
و يبدو كذلك من مضامين النص أعلاه ان المشرع استعمل لفظ " ملك " دون تحديد أو تدقيق بحيث جاء اللفظ عاما شاملا للملك المنقول و الملك العقاري . و عندما نتحدث عن العقار فاننا نستحضر المنظومة العقارية ببلادنا الموزعة بين المحفظ و غير المحفظ و الذي في طور التحفيظ .
و لما ذهب المشرع المغربي الى تقنين هذه الامكانية على مستوى النص القانوني ، أتساءل عن كيفية التنزيل لهذا المقتضى على مستوى الممارسة العملية . فهل يمكن لشخص ما أن يقوم بتفويت عقار مملوك للغير عن طريق البيع لشخص آخر ( المشتري ) ؟؟؟ و هل يستطيع البائع في هذه الحالة ان ينقل ملكية العقار المبيع الى المشتري ؟؟؟ و هل يمكن تفويت العقار بالبيع و توثيقه دون الادلاء بالمستندات اللازمة لاجراء عملية البيع ؟؟؟
كثيرة هي الأسئلة التي يطرحها النص القانوني موضوع التحليل و ذلك مرده في نظرنا إلى الإعتبارات الآتية :
(1) ان المنطق السليم يقضي بعدم امكانية بيع شيئ غير مملوك أصلا .
(2) ان اجراءات توثيق عملية البيع تقتضي الإدلاء بأصل تملك العقار موضوع التفويت و وثيقة رسمية لإثبات الهوية .
(3) ان النص القانوني موضوع المناقشة جاء معيبا على مستوى الصياغة و مضطربا على مستوى المضمون .
و تأسيسا على ما سبق ، يمكن القول انه كان حريا بالمشرع المغربي العمل على تنظيم و تقنين تصرفات و معاملات تكتسي أهمية خاصة على المستوى العملي نظرا لكونها عقودا تدعو اليها الحاجة و الضرورة الى التقنين ، بدلا من الاستمرار في تقنين قواعد قانونية غير قابلة للتطبيق على أرض الواقع .
و الخلاصة ان اقدام شخص معين على بيع عقار غير مملوك له لا يمكن تصوره على مستوى العمل التوثيقي الا في اطار الوكالة او الولاية أو في اطار النصب و التزوير و الاحتيال . و لا يمكن تصوره اطلاقا على الحالة المقننة في اطار الفصل 485 من قانون الالتزامات و العقود المذكور .
و لهذا ندعو المشرع المغربي الى التدخل في اقرب فرصة ممكنة لالغاء هذا الفصل الغير القابل للتنزيل على مستوى التطبيق و الممارسة ، و بالتالي فالحاجة لم تعد قائمة للاستمرار في تنظيمه ان كانت له الحاجة اصلا في يوم من ايام تنظيمه . فما معنى ان نستمر في انتاج نصوص قانونية غير قابلة للتطبيق و التنزيل على أرض واقع العمل و الممارسة ؟؟؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق